التشريعات والأدوات .. كلمتين وبس
تعتبر أسواق الأسهم صناعة متطورة للغاية فهي أداة مهمة لنقل الأموال من المدخرين إلى المستثمرين، ومن البطالة الى التشغيل (اقصد بطالة وتشغيل راس المال)، لكن سوق المال أذا أسيء فهمها وأسيء ايجادها أصبحت وجها أخراً لما هو مطبق في صالات القمار وحسب .. تعتبر سوق الأسهم في اى مجتمع الواجهة الحضارية للاقتصاد، وثقة الافراد فيها وفى عدالتها تعنى سلامة توظيف الأموال، فلا يمكن لاقتصاد ان ينجح في ظل أموال تتسرب من الاقتصاد ، إما بالادخار او بالاستثمارات الخارجية ..
وحتى تكتمل منظومة أسواق المال لابد من توفر شروط خمسة :
1- سوق أسهم تسود فيها العدالة والكفاءة والأدوات اللازمة لجميع أنواع المتداولين.
2- نظام تجاري صالح ، يساعد على تذليل العقبات لمشاريع الاعمال لتنجح وتدر عائدا على مساهميها.
3- إدارة كفوءه تعمل لمصلحة المنشاة ومصلحة مساهميها باستغلال الفرص الاقتصادية وتعظيم الأرباح.
4- نظام قضائي تجاري مستقل ومحاكم تجارية تتميز بالكفاءة والسرعة والعدالة.
5- مكافحة للفساد واجتثاث للفاسدين الذين يحاولون مجرد التفكير في التلاعب في المنشآت التجارية العامة.
هذه الشروط الخمسة مجتمعة هي الأساس لنشوء سوق أسهم ناضجة تساعد على توفير رؤوس الأموال ونقلها من خلال نظام متكامل سليم من المدخرين الى المستثمرين في القطاعات الإنتاجية التي تعزز من الناتج الإجمالي للمجتمع ، وبالتالي نصل الى مراحل متقدمة من التوظيف الأمثل لرأس المال الذى يعتبر رافدا مهماً من الموارد الاقتصادية ، الى جانب موارد الأرض والآلات والانسان والتكنولوجيا.
لا يكفى أن تكون وظيفة الجهة المنظمة لسوق المال هي فرض الغرامات على المتداولين والشركات المدرجة ، بل يجب ان يتعداها الى تطبيق افضل الممارسات المتبعة في العالم، من ناحية إيجاد التشريعات التي تنظم كل الجزئيات سواءا المتعلقة بالإدراج، أو التداول أو سيادة العدالة أو غير ذلك .. بالإضافة الى إيجاد أدوات السوق التي بدونها لا يستقيم عمل المستثمر او المتداول، كالشورت سلينغ، والمارجن، والاوبشن، وصناديق الاستثمار ذات الوحدات المتداولة المعروفة باسم Exchange-Traded Funds (ETF) .. وحتى نكون اكثر واقعية فان هذه المنظومة لن تنجح حتى لو وجدت ، مالم تطبق باقي الشروط الخمسة التي ذكرناها أعلاه ، وهى العدالة والنظام التجاري والإدارة الكفوءة والنظام القضائي ومكافحة الفساد.
لسنا بحاجة الى اختراع العجلة، فالعجلة موجودة، ولكننا بحاجة ان لا نضيع وقتا كثيرا بالتجربة والخطأ ، وماهو راي فلان وعلان، فأسواق المال ليست عبثا، بل يجب ان تكون مكانا آمنا لمدخرات الافراد وتساهم في تنميتها وزيادة ثروة الشعوب، واذا كانت هذه المعادلة منقوصة او بها خلل فان مدخرات الافراد ستصبح هباءا منثورا.
كيف تتبخر هذه المدخرات ؟!! .. ان ادراج اى شركة بها خلل في القوائم المالية، او مُبالغ بسعر ادراجها، يعنى ان مدخرات الافراد خرجت بطريقة حلزونية من الافراد الى أصحاب الشركات المساهمة بطريقة نظامية تحت مظلة سوق الأسهم .. كما ان ضعف الأنظمة التجارية وخصوصاً ما يتعلق بالشركات المساهمة يساعد على تكريس سلطة مجلس الإدارة حتى في حالات الفشل الذريع والخسائر المتفاقمة مما يؤدى الى الاستئثار بالسلطة الإدارية وانتشار الفساد الإداري .. واذا ما اردنا التقاضي لإصلاح خلل ما، فلن نجد محكمة تجارية مستقلة تفصل في المنازعات بالسرعة التي تحتاجها العملية التجارية والإدارية .. واذا افترضنا اننا قبلنا بالوضع الغير صحيح واردنا تأمين انفسنا ضد انهيار أسعار الأسهم في السوق فلن نجد عقود الاوبشن التأمينية او صناديق الهدج التي تحمينا من الخسائر اثناء الانهيارات، لان الأدوات غير موجودة ..!!
لذا يجب علينا اتخاذ خطوات عاجلة مدروسة وليست ارتجالية لإصلاح الخلل ، من خلال جلب واستيراد افضل الممارسات المطبقة في أسواق الأسهم الامريكية ، فلسنا بحاجة الى اختراع العجلة من جديد ،، في امان الله.
コメント