تجارة الفوركس .. تجارة المتاعب
كلمة FOREX واحيانا يطلق عليها FX هي اختصار لكلمة Foreign Exchange Market وتعنى سوق تداول العملات، ويتم في هذا السوق تداول اغلب العملات العالمية.. ويقدر الخبراء حجم تداول العملات والاصناف الأخرى المتداولة على منصات الفوركس، بـ 3 الى 5 تريليون دولار يومياً.. عملية التداول هذه تتم من خلال وسطاء يملكون شركات او مؤسسات مرخصة في دول كثيرة من العالم، ودور الوسيط هو تسهيل عمليات الشراء والبيع من خلال موقع إلكتروني ومنصة يتم من خلالها متابعة الأسعار وتنفيذ الصفقات ..
منصات الفوركس التي يعمل بها الوسطاء تشتمل على أصناف كثيرة يمكن تداولها، ويطلق على هذه الأصناف اسم Instruments، ويمكن وضعها في 6 مجموعات رئيسية ، هي : العملات (Currencies)، السندات (Bonds)، المؤشرات المستقبلية لأسواق الأسهم (Stock Indices)، السلع (Commodities)،
الصناديق الاستثمارية (Funds)، وبعض الأسهم المنتقاه ((Individual Shares..
التداول على هذه المنصات يتم من خلال عقود .. تشتمل على عدد معين من الاسهم او العملات او السلع، بمعنى اذا اردت تداول الاسهم فلن تستطيع شراء 74 سهما او 91 سهما على سبيل المثال، وانما يجب شراء عقد واحد على الاقل يشتمل على 100 سهم، ونفس الشيء بالنسبة للعملات فالعقد الواحد للدولار يشتمل على عدد معين من الدولارات، وهكذا ..
الالية المتبعة في البيع والشراء يمكن اشتقاقها من نوعية هذه العقود التى تعرف بـ CFD'sوهى اختصار لكلمة (Contracts for Differences ) أى عقود الفروقات، بمعنى تكون عمولة الوسيط هى الفرق بين سعرى الشراء والبيع وهو رقم ثابت غالباً مضروب في عدد العقود، وتصنف هذه العقود بانها Spot Contracts أى عقود فورية، بمعنى يكون التسليم فورى بمجرد التنفيذ، وكلمة فورية هنا تعنى ان المقاصة تتم خلال يومين عمل، باستثناء زوج الدولار الامريكي مقابل الدولار الكندي فتتم المقاصة عليه خلال يوم واحد ..
هذه التجارة ومن خلال هذه المنصات تقوم على فكرة معينة هى منح المتداول مارجن كبير او تسهيلات كبيرة تصل الى 400 ضعف، فاذا قمت بايداع 1000دولار مثلا فإنك تستطيع أن تتداول بـ 400.000 دولار، مما يجعل حدوث اى تغير في الاتجاه خطر للغاية ويؤدى بك إلى الافلاس الفوري.. وهذه المنصات تعتمد اساليب أليه بمعنى إذا نفذ رصيدك الأساسي الذى افترضنا انه 1000$ فان الصفقة تُغلق على الفور، ويسترد الوسيط مامنحك اياه من تسهيلات، وتخسر انت الـ 1000$ بسرعة البرق ..
ولان سوق الفوركس يعمل على مدار 24 ساعة لمدة 5 أيام اسبوعياً فان المتغيرات العالمية سواءا كانت من الشرق او الغرب، سياسية كانت أم اقتصادية ستؤثر بشكل كبير على المحافظ، ولان المتداول يشترى بمارجن كبير فان التغير ان كان في الاتجاه المعاكس سيؤدى الى الخسارة الفورية.. ولما كانت الإحصاءات تشير الى ان 99% يخسرون في تجارة الفوركس فقد لجأ الكثير من الوسطاء الى انشاء منصات وهمية مربوطة بأسعار حقيقية لكن التداولات ليست حقيقية وانما افتراضية، وان المتداولين سيتداولون على المنصة كما لو كانت منصةَ العاب الكترونية، فاذا قمت بتحويل 1000 دولار مثلا وخسرت، فان هذه الأموال تكون قد خسرت على الشاشة فقط، لكنها في الواقع بقيت لدى الوسيطَ في حسابه.. أما اذا حالفك الحظ ونجحتَ وكنت من الواحد بالمئة الذين ينجحون حسب الإحصاءات، واستطعتَ تحويل الألف دولار التي اودعتها الى 20.000$ دولار مثلا، فان الوسيطَ لن يعطيك ارباحك بحجج متعددة ..
إن واقع أغلب وسطاء الفوركس اليوم لم يعد نزيها، فبإمكان أى شخصٍ عادي أن ينشىء موقعاً الكترونياً ويشترى مايعرف بـ White Label ، وهو نظام أو برنامج حاسوبى متكامل لادارة عمليات الفوركس، وهو يشبه بدرجة كبيرة الألعاب الإلكترونية، ويتم ربطهُ بأسعار حقيقية، ويتم بعد ذلك إنشاءُ مؤسسة أو شركة وهمية في دول كقبرص او مالطا او جزر العذراء او جزر الكايمن او غيرها، والهدفُ من هذه الشركة الوهمية هو إستخدام إسمها في استقبال أموال العملاء وايهامُهم بان هذا الوسيط الوهمى هو شركةٌ كبرى، ويتم بعد ذلك التواصلَ مع العملاء من خلال ارقام هواتف في الامارات او البحرين او ايرلندا او انجلترا ومن خلال مسوقين عرب للايقاع باكبر قدر من الحالمين بالثروة من الذكور والاناث ..
ولأن هذه التجارة اصبحت مشبوهه لكثرة الاحتيال المالى المصاحب لها، فقد قامت البنوك المركزية في كثير من دول العالم بحظر التحويل لاغلب وسطاء الفوركس حماية للمواطنين من عمليات النصب والاحتيال، لكن وسطاء الفوركس لايكلَون ولايملَون من إيجاد طرق جديدة لتحويل الاموال، فقد اوجدوا التحويل عبر بطاقات الإئتمان وبطاقات الكاش يو وغيرها، وأوجدوا افرادا متعاونين معهم في كثير من الدول العربية لجمع الاموال عبر التحويل للحسابات الشخصية لهؤلاء الأفراد لتجاوز الحظر المفروض على الوسطاء ..
وخلاصة القول .. ان تجارة الفوركس بصورتها المثالية وليست المشوهه يصعب الربح معها نظرا لسرعة المتغيرات العالمية التى تؤثر على بعضها البعض وتجعل من تغير الاتجاه امرا حتميا سواءا كان بسبب بيانات اقتصادية او سياسة او عسكرية او ظروف السوق او قرارات البنوك المركزية او غير ذلك من المتغيرات التى لاحصر لها، وهذا التغير في الاتجاه يؤدى الى الافلاس الفورى لان الشراء يتم بطريقة المارجن المبالغ به ..
واذا ماقُدر للمتداول أن ينجح في تجاوز كل هذه المتغيرات والصعوبات، التى يعتبر التعامل معها أمراً مستحيلا، فإنه في الغالب لن ينجوا من احتيال أغلب وسطاء الفوركس الذين سيحرمونه أرباحه التى حققها بحجج واهية.. وبالتالى فإنه يصح لنا أن نطلق على تجارة الفوركس بأنها تجارة المتاعب وأنها غير آمنه ..
Comments